تقدّمت أسرة الشاب المصري محمود محمد أسعد، المعروف بـ”محمود ميكا“، ببلاغ رسمي إلى النائب العام محمد شوقي عياد، تطالب فيه بفتح تحقيق عاجل وشامل في ملابسات وفاته داخل قسم شرطة الخليفة بمحافظة القاهرة، مؤكدة أن ما تعرض له نجلها “جريمة تعذيب مروّعة انتهت بقتله تحت التعذيب”.
وأشارت الأسرة في بلاغها، الذي قُدّم السبت، إلى تأخر غير مبرر في تحرّك النيابة العامة لمحاسبة المتورطين في الجريمة، معتبرة أن الصمت الرسمي حتى اللحظة يعكس تواطؤًا خطيرًا مع الجناة.
اتهامات تطال الضباط والقيادات الأمنية
شددت الأسرة على أن المسؤولية لا تقع فقط على العناصر المنفذة داخل القسم، بل تشمل القيادات الأمنية التي سمحت أو تغاضت عن ما جرى، مطالبة بالتحقيق مع جميع من تورطوا أو تستروا، ومحاسبة من مارسوا الضغط على الشهود أو حاولوا تغيير رواياتهم.
وتعود الواقعة إلى السبت 12 أبريل/نيسان الجاري، حينما علمت الأسرة بوفاة محمود أثناء توجهها لزيارته. وذكرت أن مسؤولي القسم أنكروا في البداية وجوده، قبل أن يعترفوا لاحقًا بوفاته، مطالبين الأسرة بالتوقيع على استلام الجثمان بحجة “إكرام الميت”، وهو ما رفضته الأسرة، مطالبة بتشريح الجثة، والتي أظهرت، وفق الشهادات، آثار تعذيب واضحة.
روايات مرعبة من داخل القسم
وأكدت إحدى قريبات الضحية، في شهادة صوتية، أن محمود تم توقيفه عشوائيًا من الشارع دون مذكرة اعتقال، واقتيد إلى قسم الخليفة، حيث لُفّق له محضر، ومُنع من الطعام والزيارة. وذكرت أنه تم عزله في زنزانة انفرادية عقب مشاجرة مفبركة، في خطوة تُرجّح فرضية تعرضه لتعذيب ممنهج.
وبحسب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، حصلت الأخيرة على شهادات من ستة محتجزين أكدوا تعرض محمود لتعذيب عنيف أدى إلى وفاته، مع مخاوف من ممارسة ضغوط ممنهجة على الشهود لمنعهم من الإدلاء بشهاداتهم أمام جهات التحقيق.
تكرار للانتهاكات في قسم الخليفة
وحذرت الشبكة الحقوقية من أن واقعة وفاة محمود ليست الأولى من نوعها في قسم شرطة الخليفة، حيث تم التبليغ عن انتهاكات مشابهة خلال الشهر الجاري، وسط أجواء من الترهيب والتكتم الرسمي.
وفي بيانها، حمّلت الشبكة النيابة العامة مسؤولية تفشي “مناخ الإفلات من العقاب”، معتبرة أن تقاعسها عن أداء دورها الرقابي يساهم في استمرار الانتهاكات داخل أماكن الاحتجاز، مطالبة النائب العام بفتح تحقيق نزيه وشفاف، ومحاسبة جميع الضالعين في الجريمة.
واختتمت الشبكة بيانها بالإعلان عن تضامنها الكامل مع أسرة الضحية، مؤكدة أن العدالة لمحمود ميكا “هي اختبار حقيقي لاحترام الكرامة الإنسانية وسيادة القانون في مصر”.