في خضم محاولاتها لتجنّب أزمة كهرباء حادة خلال صيف 2025، تواجه مصر اتهامات بوقوع خسائر مالية جسيمة نتيجة تأخر تشغيل أربع سفن تغويز عائمة، رغم تعاقدها المسبق لتأمين إمدادات الغاز الطبيعي المسال.
فرغم إعلان الحكومة عن خطة استباقية تستهدف رفع الطاقة الاستيعابية إلى 2.7 مليار قدم مكعبة يومياً عبر تشغيل وحدات تغويز إضافية، أشارت تقارير متخصصة إلى أن هذه السفن لا تزال خارج الخدمة، ما أثار تساؤلات عن جدوى الاستثمارات وتأثيرات التأخير على الأمن الطاقي والاقتصاد.
سفن لم تعمل.. وخسائر متراكمة
وفق تقرير حديث لمنصة ميس المتخصصة في شؤون الطاقة، فإن وحدتَي التغويز الجديدتين “إنرجوس إسكيمو” و”إنرجوس باور” لم تُربطا بالشبكة المصرية حتى الآن، رغم وصولهما منذ أسابيع، ويُقدر أن تشغيل كل منهما يمكن أن يضيف 750 مليون قدم مكعبة يومياً إلى الشبكة.
حزب العدل المعارض، كشف في بيان تحذيري أن إجمالي الخسائر نتيجة التأخر في التشغيل بلغ نحو 600 مليون دولار حتى الآن، موزعة على:
- 💸 12 مليون دولار شهريًا لتأجير سفن غير مُستخدمة.
- 🔥 300 مليون دولار شهريًا بسبب الاعتماد على وقود بديل (مازوت وسولار) لتشغيل محطات الكهرباء.
- 🛠️ ما بين 215 و300 مليون دولار فروقات صيانة إضافية ناجمة عن استخدام وقود غير مخصص لهذه المحطات.
نقص غاز وطلب متزايد
بيانات وكالة الطاقة الدولية تؤكد وجود عجز يومي في إمدادات الغاز بمقدار 2.5 مليار قدم مكعبة، مقابل ذروة استهلاك تصل إلى 6.5 مليارات قدم، في ظل ثبات واردات الغاز الطبيعي المُسال عند 2.41 مليون طن في النصف الأول من 2025، دون زيادة تذكر رغم توقيع اتفاقات تغويز جديدة.
هذا الوضع، بحسب خبراء، يهدد استقرار شبكة الكهرباء، التي بدأت تشهد بالفعل انقطاعات متفرقة، رغم محاولات وزارة الكهرباء تغطية العجز باستخدام بدائل مرتفعة التكلفة.
رد وزارة البترول: الأرقام مبالغ فيها
من جهته، نفى المتحدث باسم وزارة البترول، معتز عاطف، دقة أرقام الخسائر الواردة في بيان حزب العدل، واصفًا إياها بأنها “مبالغ فيها ولا تستند إلى حقائق موثقة”، مشيرًا إلى أن التأخير في التشغيل يعود لأسباب فنية ولوجستية، وليس إلى خلل مؤسسي.
كما أشار إلى أن استخدام السولار والمازوت يدخل ضمن خطط الطوارئ المعتمدة مسبقًا، مؤكدًا قرب تشغيل السفينة “إنرجوس إسكيمو”، تليها “إنرجوس باور” خلال أيام، بحسب تقديرات رئيس الوزراء.
انهيار في الإنتاج.. وتوسّع في الاستيراد
بيانات رسمية أظهرت أن مصر فقدت 3.3 مليارات قدم مكعبة يوميًا من إنتاجها المحلي مقارنة بذروة الإنتاج، ما يعادل نحو 45% من الطاقة الإنتاجية الإجمالية، وهو معدل تراجع حاد في غياب أي حرب أو حصار اقتصادي.
رغم وعود حكومية بعودة الإنتاج لمستوياته الطبيعية بحلول صيف 2025، إلا أن الأرقام المعلنة حتى يوليو/تموز 2025 أظهرت انخفاضًا إضافيًا بمقدار 600 مليون قدم مكعبة يوميًا، ما دفع القاهرة لزيادة وارداتها من الغاز الإسرائيلي.
بنية تحتية جديدة.. لكن التشغيل يتأخر
كانت الحكومة قد وقّعت سابقًا 4 اتفاقيات لتشغيل وحدات تغويز عائمة، بينها وحدة “هوغ غاليون” في العين السخنة بسعة 750 مليون قدم مكعبة يوميًا، بالإضافة إلى وحدات جديدة باتفاق مع ألمانيا، لتعزيز قدرة البلاد على استيراد الغاز الطبيعي المسال.
وتهدف هذه الوحدات إلى تحويل الغاز من حالته السائلة إلى غاز جاهز للاستخدام في محطات الكهرباء والمصانع، ما يقلل الاعتماد على الوقود البديل، ويجنب البلاد كوارث انقطاع الكهرباء.
أزمة إدارة أم أزمة موارد؟
رغم دفاع وزارة البترول، تثير أزمة سفن التغويز تساؤلات جوهرية حول آلية اتخاذ القرار في ملف الطاقة، ومدى جاهزية الدولة لتنفيذ خططها الحيوية في التوقيت المناسب.
في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات في سوق الطاقة وتوترات إقليمية تؤثر على الإمدادات، تبدو أي تأخيرات في تشغيل هذه الوحدات بمثابة تهديد مباشر للاستقرار الاقتصادي والخدمي في مصر، لا سيما مع تزايد الطلب المحلي وانخفاض الإنتاج.