كشفت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، وهي منظمة مستقلة، عن مقتل المعتقل الشاب حسام أبو العباس مصطفى مرسي (26 عامًا) نتيجة تعرضه لتعذيب مروّع داخل سجن الوادي الجديد، وذلك بعد نحو عشرة أشهر من إعلان وفاته رسميًا بسبب “هبوط حاد في الدورة الدموية”، وفق ما أبلغت به الأجهزة الأمنية أسرته آنذاك.
وأفادت الشبكة، في تقرير صدر اليوم الاثنين، أن تحقيقاتها الميدانية وثّقت وفاة حسام بتاريخ 17 أغسطس/ آب 2024، عقب ستة أيام فقط من ترحيله إلى السجن، حيث نُقل إلى العنبر 4 المعروف بعنبر الجهاديين، وتعرض هناك لجلسات تعذيب استمرت ساعات، أدّت إلى تدهور حالته ووفاته لاحقًا.
تعذيب منظم وحرمان من العلاج
بحسب إفادات وثّقتها الشبكة، فقد اقتحم زنزانة أبو العباس عدد من ضباط الأمن الوطني وضباط المباحث وأفراد شرطة، مدعومين بسجناء جنائيين وقوة خاصة، واستخدموا العصي والأسلاك الكهربائية والصواعق في تعذيبه لأكثر من خمس ساعات. وبعد فقدانه الوعي، نُقل داخل بطانية إلى غرفة مجاورة حيث تُرك يصارع الموت دون تدخل طبي مناسب.
وأكد شهود عيان من داخل السجن أن أبو العباس صُعق بالكهرباء وضُرب بعنف على مناطق متفرقة من جسده حتى سقط مغشيًا عليه، بينما لم تكن في السجن أي بنية طبية كافية لإنقاذه. ورغم تدهور حالته، رفضت السلطات نقله إلى مستشفى خارجي، لتُعلن وفاته بعدها بيومين، بتاريخ 19 أغسطس، وسط صمت رسمي وإجراءات دفن تحت رقابة أمنية مشددة في محافظة الوادي الجديد.
تلاعب بالشهادات وتهديد للمعتقلين
أشارت الشبكة إلى أن السلطات الأمنية أجبرت بعض زملائه في الزنزانة على تغيير أقوالهم أمام النيابة، بعد تهديدهم، رغم تمسكهم في البداية بشهادات تؤكد تعرّض حسام للتعذيب الجسدي الشديد.
كما وثّقت الشبكة وفاة الرائد السابق في القوات المسلحة طارق أبو العزم في العنبر نفسه، بعد 15 يومًا فقط من وفاة أبو العباس، ما يسلط الضوء على نمط متكرر من الانتهاكات المميتة داخل السجن ذاته.
خلفية الضحية.. واعتقال بسبب محتوى ديني
كان حسام أبو العباس، الحاصل على دبلوم زراعي، يعمل في مجال الحياكة قبل اعتقاله الأخير في 2 يونيو/ حزيران 2024. وقد خضع لإخفاء قسري لمدة 45 يومًا داخل مقر أمني بمحافظة الوادي الجديد، قبل عرضه على النيابة التي قررت حبسه احتياطيًا. وتم ترحيله لاحقًا إلى سجن الوادي الجديد في 7 أغسطس.
يُذكر أن حسام سبق أن اعتُقل عام 2022 لمدة عام كامل، بسبب العثور على مقاطع دينية على هاتفه المحمول، بينها تسجيلات للداعية الراحل عبد الحميد كشك، وآخرين مثل حازم صلاح أبو إسماعيل.
دعوات لمحاسبة الجناة وإيقاف جرائم السجون
حملت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان السلطات الأمنية المصرية كامل المسؤولية عن مقتل حسام والانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون داخل سجن الوادي الجديد، الذي وصفته بأنه من “أسوأ السجون المصرية وأكثرها قسوة”.
ودعت المنظمة إلى:
- فتح تحقيق عاجل ومستقل في واقعة مقتل حسام أبو العباس.
- محاسبة المسؤولين والمتورطين من أفراد الأمن وضباط السجن.
- وقف الانتهاكات المنهجية بحق المعتقلين السياسيين داخل السجون المصرية.
- ضمان العدالة لأسرة الضحية وتوفير الحماية القانونية للمبلغين والشهود.
وختمت المنظمة بيانها بالتأكيد على أن ما تم توثيقه من انتهاكات لا يُظهر سوى جزء محدود من الواقع المأساوي الذي يعيشه آلاف المعتقلين في السجون المصرية، في ظل غياب الرقابة المستقلة واستمرار سياسة الإفلات من العقاب.
