كشفت تقارير عن تعزيز الحكومة المصرية لجهودها لمواجهة تداعيات تشغيل سد النهضة الإثيوبي دون اتفاق ملزم، من خلال خطوات إقليمية ودولية تهدف للضغط على أديس أبابا، ورفض سياسة فرض الأمر الواقع. وبعد إكمال إثيوبيا الملء٬ وفي ظل استمرار رفضها التفاوض حول قواعد ملء وتشغيل السد، تسعى القاهرة لبناء تحالفات إقليمية تدعم موقفها، وتزيد من ثقلها في التعامل مع الأزمة.
فيما تواصل الحكومة تحركاتها لمواجهة أزمة سد النهضة، عبر تعزيز التعاون العسكري والدبلوماسي مع كل من جيبوتي والصومال. وتشمل هذه الجهود خطوات لمنع إثيوبيا من الوصول إلى منفذ بحري عبر إقليم “أرض الصومال” (صوماليلاند) غير المعترف به دولياً، وذلك في إطار سعي القاهرة للحد من تأثيرات سد النهضة، وتأمين مصالحها المائية في المنطقة.
جدير بالذكر أن القاهرة تعمل على تشكيل تحالف يضم مصر والصومال وجيبوتي، وتسعى لتوسيع شراكاتها مع دول حوض النيل، مع التركيز على توقيع اتفاقيات دفاع مشترك مع أوغندا.
وتأتي هذه التحركات بهدف تقليص نفوذ إثيوبيا في المنطقة، والحد من قدرتها على المناورة.ويشكل سد النهضة مصدر قلق كبير لمصر، خاصة في مسألة إدارته خلال مواسم الجفاف.
وأوضح مسؤول مصري أن الأزمة ستظهر بشكل جلي مع أول موسم جفاف، إذ يُتوقع أن ترفض إثيوبيا تمرير الحصص التاريخية من المياه لمصر والسودان، مؤكدًا أن القاهرة مصممة على استخدام كافة الأدوات المتاحة لحماية مصالحها المائية.
تراهن مصر على احتمالية عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، نظراً لموقفه السابق المؤيد لمصر في أزمة سد النهضة، حيث فرض عقوبات على إثيوبيا في عام 2020.وفي هذا السياق واعتبر وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق، محمد نصر الدين علام، أن التعويل على عودة ترامب قد يكون غير واقعي سياسياً، متسائلاً عن دوافع ترامب لدعم مصر ضد حليف استراتيجي مثل إثيوبيا، التي تجمعها علاقات وثيقة مع إسرائيل.
وأضاف علام: “لا أعتقد أن هذا الدعم ممكن أو واقعي. وباختصار، من المهم التساؤل عن مدى احتمالية أن يخدم ترامب المصالح المصرية على حساب العلاقة الإثيوبية-الإسرائيلية.”
في عام 2019، وقّع وزير الخارجية المصري السابق، سامح شكري، بشكل مبدئي على الاتفاق الفني النهائي لتشغيل وإدارة سد النهضة، والذي اقترحته كل من وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، وذلك خلال اجتماع في البيت الأبيض بواشنطن في فترة ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى.
ورغم أن هذا التوقيع لم يكن ملزماً لمصر، إلا أن إثيوبيا رفضت الحضور للمفاوضات في واشنطن، كما امتنع السودان عن التوقيع. وأوضحت وزيرة الخارجية السودانية آنذاك، مريم الصادق المهدي، أن الخرطوم لا يمكنها التوقيع في غياب إثيوبيا.
وعندما انتقدت الإدارة الأميركية موقف إثيوبيا، أصدرت أديس أبابا بيانات حادة تؤكد فيها على “سيادتها ورفضها لأي ضغوط خارجية”.