هز حكم تاريخي للمحكمة الدستورية العليا قطاع تأجير المساكن الخاصة الراكد منذ سنوات.
فيما أسس الحكم لعلاقة جديدة بين المالك والمستأجر قائمة على “العدل وتحقيق المصلحة المتبادلة بين حق المستأجر في الحصول على سكن يؤويه وحق المالك في الحصول على عائد استثماري على رأس ماله المستثمر في قيمة الأرض والبناء قادر على مواجهة التضخم”.
كما قضى الحكم على ديمومة عقد الإيجار، وإنهاء علاقة التوريث التي خلفتها سلسلة قوانين الحقبة الاشتراكية التي حكمت العلاقة بين الملاك والمستأجرين في مصر منذ ستينيات القرن الماضي، بدأ النظام يتراجع عنها منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، بتغيير العلاقة بين المالك والمستأجر في الأراضي الزراعية، ثم أتبعها بتغيير قانون تأجير العقارات للشخصيات الاعتبارية.
كذلك شمل الحكم، عدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 136 لسنة 1981، بشأن تأجير الأماكن وتنظيم العلاقات بين المؤجر والمستأجر، والذي ينص على تثبيت الأجرة السنوية للأماكن المرخص بإقامتها للأغراض السكنية. أكدت المحكمة أن ثبات القيمة الإيجارية عند لحظة من الزمان ثباتاً لا يزيله مضي عقود على التاريخ الذي تحددت فيه يشكل عدواناً على قيمة العدل وإهدار لحق الملكية.
فيما نص الحكم الذي صدر برئاسة المستشار بولس فهمي رئيس المحكمة، على أن يبدأ تطبيق أثر الحكم من اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي الحالي، والذي يوافق شهر أغسطس/ آب 2025، مع انتهاء الدورة البرلمانية لمجلس النواب الحالي.
جدير بالذكر أنه قد وجهت المحكمة الدستورية -وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد- البرلمان والحكومة إلى حاجة المشرع إلى إعداد قانون جديد للإيجارات، خلال مدة زمنية كافية ليختار بين البدائل ووضع ضوابط حاكمة لتحديد أجرة الأماكن السكنية.
وطلبت من مجلس النواب الإسراع في تنظيم هذه العلاقات وإصدار قانون يراعي التوازن بين حقوق المالك والمستأجر، ويراعي التوازن الذي دعت إليه المحكمة لضبط العلاقة بين الطرفين، قبل أن يبدأ تطبيق هذا الحكم الدستوري، فتحدث فوضى في العديد من التعاقدات المستندة إلى القوانين المنظمة للإيجار القديم وتسقط العديد منها جراء وصولها إلى المحاكم التي ستكون ملزمة بتنفيذ حكم الدستورية العليا. يعد حكم الدستورية العليا بنص الدستور، قانوناً ملزماً لكل الجهات في الدولة، ويفوق في حجية القوانين القوانينَ التي يصدرها البرلمان.
أشارت المحكمة في حيثيات الحكم إلى فرض المشرع سابقاً على المؤجر مدة العقد وبالتدخل في تحديد الأجرة، بما حدد نطاق الفئات المستفيدين من القانون دون سواهم، من دون ضوابط موضوعية تتوخى تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية، منوهة إلى ضرورة مراعاة التوازن بين عدم حق المؤجر في استرداد عائد استثمار الأموال في قيمة الأرض والمباني، وحاجة المستأجر إلى مسكن يؤويه، بدون استغلال. لفتت حيثيات الحكم إلى أن ثبات الأجرة يمثل بخساً للعائد فيحيله عدماً.