قال رئيس وزراء الانقلاب مصطفى مدبولي إن الظروف الجيوسياسية الإقليمية والدولية كان لها أثر كبير على موارد بلاده من العملة الصعبة، تمثل في انخفاض إيرادات قناة السويس بفعل تهديدات حركة الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع أعداد السياحة الوافدة إلى مصر بسبب التوترات الإقليمية، والحرب (الإسرائيلية) المتواصلة في قطاع غزة.
وأعرب مدبولي عن تخوفه من تصاعد الأحداث في منطقة الشرق الأوسط إلى ما هو أبعد من ذلك، ما يزيد من التداعيات الاقتصادية السلبية على الاقتصاد، لا سيما مع فقدان مصر ما يقرب من سبعة مليارات دولار في أقل من عام، من جملة إيرادات قناة السويس السنوية.
وأضاف مدبولي، في لقاء عقده مع رئيس مجموعة حزب الشعب الأوروبي في البرلمان الأوروبي مانفريد فيبر في مقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة مساء الاثنين، أن مصر تتطلع إلى استمرار دعم المجموعة لجوانب وعناصر الشراكة المصرية الأوروبية خلال المرحلة المقبلة، التي كان من نتاجها عقد مؤتمر الاستثمار المصري – الأوروبي المشترك نهاية يونيو/ حزيران الماضي.
وتابع أن المؤتمر أسهم في نقل رسالة واضحة للقطاع الخاص الأوروبي أن مصر تعد مقصداً مهماً للاستثمارات الأوروبية، خصوصاً مع الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية التي اتخذتها الحكومة في الفترة الأخيرة، على الرغم من الأزمات الإقليمية والدولية المتلاحقة، وما عكسته من تداعيات مباشرة على الاقتصاد المصري.
واستدرك قائلاً إن هذه التداعيات لم تمنع الحكومة من تنفيذ خطة، وصفها بـ”الطموحة”، لإطلاق عملية تحديث شاملة، في ضوء الالتزام بمستهدفات برنامج الإصلاح الاقتصادي، المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي. وتطرق مدبولي إلى الحديث عن العدد الكبير من اللاجئين والمهاجرين في مصر، الذي قدره بتسعة ملايين شخص، معتبراً أن هذا التحدي يضع عبئاً إضافياً وتكلفة كبيرة على خزانة الدولة، وهو ما يتطلب تقديم مزيد من الدعم الأوروبي لمصر.
وفي هذا الصدد، أشار مدبولي إلى التعاون القائم بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة غير النظامية، في إطار شامل يقوم على ربط الهجرة بالتنمية، ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية، مؤكداً أن مصر لا تزال ملتزمة بمنع كل أشكال الهجرة غير النظامية عبر سواحلها على البحر المتوسط.
وأشار أيضاً إلى التعاون القائم بين مصر والاتحاد الأوروبي، في ما يخص الحزمة المالية الأوروبية لمساندة الاقتصاد الكلي، البالغة قيمتها خمسة مليارات يورو، معرباً عن تطلعه لدعم رئيس مجموعة حزب الشعب الأوروبي سرعة صرف الشريحة الأولى من الحزمة بقيمة مليار يورو قبل نهاية العام الجاري.
وأعرب مدبولي عن تطلعه لدعم فيبر ومجموعته السياسية من أجل التصويت في البرلمان الأوروبي لمصلحة القرار الخاص باعتماد الشريحة الثانية بقيمة أربعة مليارات يورو، خلال الفترة الممتدة بين عامي 2025 و2027. وقال مدبولي إن القاهرة لم تدخر جهداً لمحاولة التوصل إلى صفقة وقف إطلاق نار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى من الجانبين، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، مشدداً على أهمية الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة للحفاظ على فرص حل الدولتين، الذي يظل الحل الوحيد الممكن لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة.
وتعقيباً على ما عرضه مدبولي بشأن تأثير التوترات الإقليمية والدولية على الاقتصاد المصري، قال فيبر إن العالم أجمع يواجه مثل هذه التحديات، مستشهداً بالزيادة الملحوظة في معدلات التضخم حول العالم، وهو ما يستلزم التعاون والعمل بين الجميع في مجابهة تلك التحديات العالمية.
وأشار فيبر إلى حرص الجانب الأوروبي على مساندة الاقتصاد المصري، من خلال الحزمة المالية التي تستهدف تقديم الدعم الفني اللازم لخلق اقتصاد أكثر قدرة على مواجهة الصدمات، معرباً عن تطلعه لمزيد من التعاون بين الجانبين المصري والأوروبي في ملف الهجرة غير النظامية.
وبموجب اتفاق الشراكة الأوروبية الاستراتيجية مع مصر، يضمن الاتحاد الأوروبي قروضاً للقاهرة بقيمة خمسة مليارات يورو حتى 2027، واستثمارات بقيمة 1.8 مليار يورو في مجالات مختلفة، إضافة إلى تقديم منح بقيمة 600 مليون يورو، وتخصيص 200 مليون يورو لإدارة مسألة الهجرة، أي ما يقدر إجمالاً بنحو ثمانية مليارات يورو.
وسجل إجمالي الدين الخارجي لمصر نحو 152.88 مليار دولار في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، مقارنة بنحو 168.03 مليار دولار في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2023، على خلفية تلقي القاهرة دعماً في أواخر فبراير/ شباط 2024، عندما باعت حقوق تطوير أراض في منطقة رأس الحكمة المطلة على البحر المتوسط للإمارات، في صفقة قياسية بلغت قيمتها 35 مليار دولار.
وزادت ديون مصر الخارجية لأربعة أمثالها منذ 2015، في ظل إنفاقها الضخم لتمويل بناء عاصمة إدارية جديدة، وتمويل مشاريع لتطوير البنى التحتية، فضلاً عن شراء الأسلحة، ودعم العملة المحلية. وفي مارس/ آذار الماضي، وقعت مصر حزمة دعم جديدة مع صندوق النقد بقيمة ثمانية مليارات دولار، ضمن اتفاق تعهدت فيه بالحفاظ على مرونة سعر صرف الجنيه مقابل الدولار. وتصرف شرائح قرض الصندوق على دفعات نصف سنوية، حتى سبتمبر/ أيلول 2026.