تسببت تصريحات صادمة موجهة إلى مصر والسودان، أطلقها مستشار وزير المياه والطاقة الإثيوبي محمد العروسي، الأجواء مجددا بين المصريين والإثيوبيين، وسط صمت رسمي بالقاهرة في الملف الوجودي الخطير الذي يمس الأمن المائي والغذائي لأكبر بلد عربي سكانا، ويؤثر في مستقبل ثاني أكبر اقتصاد أفريقي خلال 2024.
يذكر أن المسؤول الإثيوبي، بدا مستفزا عبر حديث له بفضائية “فانا عربي” الموجهة باللغة العربية، حيث أعلن أن التحدي الإثيوبي كبير ومتواصل مع دولتي مصب نهر النيل مصر والسودان، مؤكدا أن بلاده ستقوم ببناء سدود جديدة على جميع روافد نهر النيل في إثيوبيا.
يشار إلى أن العروسي، نشر مقطعا من اللقاء عبر موقع “إكس”، قال فيه متحديا المصريين بشكل خاص: “بناء السدود دليل الصمود”، مضيفا: “سنبني سدا تلو السد على النهر تلو النهر”، ومؤكدا أنه “لن توقفنا أي قوة على وجه المعمورة”، ما عدّه البعض رسالة تحذير شديدة اللهجة إلى القاهرة الصامتة تماما والمشغولة بأزمات أخرى.
فيما يشير مراقبون، بينهم الباحث المصري هاني إبراهيم، في تصريحات صحفية، إلى أن أديس أبابا تنوي إنشاء 3 سدود جديدة تحت أسماء “كاردوبي” و”مندايا”، و”بيكوابو”، موضحا أن ملء تلك السدود يحتاج إلى 80 مليار متر مكعب، وهي النسبة التي تفوق تخزين سد النهضة.تصريحات المسؤول الإثيوبي، تأتي على خلفية بناء أديس أبابا سدا على حوض النيل الأزرق الذي ينبع من بحيرة تانا فوق الهضبة الحبشية، ويمد نهر النيل بما بين 80 إلى 85 بالمئة من المياه المغذية لنهر النيل، ما يهدد حصتي دولتي المصب مصر والسودان التاريخية من مياه النيل، البالغة (55.5 و 18.5 مليار متر مكعب مياه سنويا)، للأولى والثانية، وهما الحصتان المقدرتان بنحو 5 بالمئة فقط من مياه نهر النيل مجتمعة.
كذلك تأتي تصريحات المسؤول الإثيوبي قبل إقدام إثيوبيا على حجز فيضان الصيف المقبل، والشروع في تنفيذ عملية الملء الخامس لسد النهضة الإثيوبي، دون توافق مع دولتي المصب، فيما سبقتها في نيسان/ أبريل الماضي، احتفالات إثيوبيا باستكمال بناء 95 بالمئة من السد النهضة بعد 13 عاما من الشروع ببنائه في 2 نيسان/ أبريل 2011.وعلى مدار سنوات حكم رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، (2014- 2030)، لم تنجح المفاوضات التي جرت برعاية دولية من الأمم المتحدة وأمريكا والاتحاد الأفريقي وبعض الأطراف العربية في حل الخلاف القائم بين أديس أبابا من جانب والقاهرة والخرطوم من جانب آخر، وسط تعنت إثيوبي ورفض لعقد اتفاق ملزم حول قضايا ملء خزان السد وتشغيله وحصص دولتي المصب وغيرها من القضايا.
من جهة أخرى، يُحمل مراقبون نظام السيسي المسؤولية عن تأزم هذا الملف الاستراتيجي، وإهماله، وعدم منحه الأولوية الكافية على خطورته وتعلقه بالأمن القومي المصري وبحياة أكثر من 150 مليون مصري وسوداني، بل يذهب البعض للقول إنه من منح إثيوبيا الشرعية لبناء السد والتمويل الدولي -نحو 4 مليارات دولار- بعد عقد اتفاقية مبادئ دول حوض النيل التي وقعها في السودان في مارس 2015.