كشفت وكالة “بلومبرج” عن حالة من التردد والشك تسود الأسواق العالمية في منح مصر قروضا لمواجهة أزمتها الاقتصادية، في ظل تصنيفها كثاني أكثر دولة معرضة للتخلف عن سداد الديون.
يأتي ذلك بعد وضع القاهرة على قائمة المراجعة السلبية نتيجةً للصعوبات التي يواجهها بائعو السندات الحكومية في استرداد العملة الأجنبية، وفق الوكالة.
وقالت “بلومبرج” إن مصرف “جي بي مورجان تشيس” يحتاج فترةً تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر حتى يقيّم أهلية مصر للبقاء على مؤشر سندات المصرف.
وكان صندوق النقد الدولي أكثر الجهات تردداً على الإطلاق، بعد عامٍ من موافقته على منح مصر حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار. إذ كان من المتوقع إجراء المراجعة الأولى للقرض في مارس/آذار، لكنها لم تجر بعد.
وأضافت: “لا شك في أن تأخير مراجعة صندوق النقد الدولي يعد مسألةً خطيرة بالنسبة لحكومة عاجزة عن الوصول إلى أسواق رأس المال الخارجية، وصارت الآن عاجزةً عن الحصول على الشريحة التالية من قرض صندوق النقد الدولي”.
وتابعت، أنه في غياب أي قواعد للتعامل مع واحدةٍ من أكبر فترات البيع الجماعي داخل الأسواق الناشئة، يشعر مستثمرو السندات المصرية بالشك في قدرة الدولة التي تمر بضائقة مالية على أن تحصل على الأموال التي تحتاجها، فضلاً عن القلق حيال تخصيص رؤوس أموالهم لبلدٍ تُنفق حكومته نحو نصف إيراداتها لسداد فوائد القروض.
وتواجه مصر خطر حدوث فجوة تمويل تراكمية تتجاوز الـ11 مليار دولار على مدار السنوات الخمس المقبلة.
وصنفت “بلومبرج” مصر في المرتبة الثانية بعد أوكرانيا على قائمة أكثر الدول المعرضة لخطر التخلف عن سداد الديون.
وأشارت إلى أن ديون مصر الدولارية خسرت نحو 9.7% من قيمتها في العام الجاري، وهو أسوأ أداءٍ بين الأسواق الناشئة بعد بوليفيا والإكوادور.
وبينت الوكالة أن سعر الجنيه المصري ظل مستقراً على مدار الأشهر الستة الماضية، بعد سلسلةٍ من تخفيضات قيمة العملة، ليحافظ الجنيه في المصارف على سعر أعلى من سعر السوق السوداء المحلية.
وتابعت: “تلوح في الأفق مسألة الانتخابات المقبلة في ديسمبر/كانون الأول، والتي من المتوقع أن يترشح فيها عبدالفتاح السيسي لولاية ثالثة، وتزيد هذه الانتخابات من تعقيد الأوضاع، خاصةً بعد تحذير السيسي من أن الشعب لا يمكنه احتمال ارتفاع الأسعار ثانيةً نتيجة تخفيض جديد لقيمة العملة”.
وأشارت إلى أن احتمالية تحقيق انفراجةٍ سريعة مع صندوق النقد الدولي صارت بعيدة المنال بشكلٍ متزايد، إذ لا تُعلق مجموعة Vontobel آمالها على الخروج بنتيجةٍ إيجابية في اجتماعات الصندوق بمراكش الشهر المقبل، وذلك وفقاً لدي سوزا. بينما ينتظر الصندوق من مصر أن تفي بوعودها وتنفذ إصلاحات، منها الانتقال إلى نظام سعر الصرف المرن.
وأوضح المتحدث باسم صندوق النقد الدولي، أن الصندوق يواصل “التعامل مع مصر عن كثبٍ”، وأنهم سيعلنون التحديثات “في وقتها المناسب”.
وذكرت أن تقدم مصر البطيء على صعيد الوفاء بشروط قرض الصندوق يحرم الحكومة من الدعم، ويأتي هذا خلال وقت يُعتبر فيه جمع المال عمليةً باهظة التكلفة بالنسبة لمقترضي سندات العائد المرتفع الأكثر مخاطرة، مع عزم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعةً لوقتٍ أطول.
وأضافت أن مصر أحرزت بعض التقدم على صعيد بيع الأصول، في حين أكدت مصادر مطلعة وجود قناعة لدى صندوق النقد الدولي بأن السلطات باتت أكثر جدية في تنفيذ خطة الخصخصة الطموحة.
لكن مصر لم تجمع حتى الآن ما يكفي من النقد الأجنبي لتخفيف الأزمة وتصفية الطلب المتراكم على الدولار، سواءً من المستوردين أو الشركات الأخرى.
وتظل المخاوف حيال إخفاق مصر في الوفاء بديونها تشغل بال المستثمرين. إذ أفادت بيانات بلومبرج بأن الحكومة يتعين عليها سداد أكثر من 45 مليار دولار نظير قروض وفوائد سندات اليوروبوند على مدار العقد المقبل.
ومن المستبعد أن تتخلف مصر عن السداد خلال الأشهر الـ12 المقبلة “إلا إذا حدثت صدمة خارجية كبيرة أخرى”.
فيما يرى باورز أن إحراز أي تقدم مع صندوق النقد الدولي قد يسفر عن تحسين حظوظ مصر وأداء سنداتها بين الأسواق الناشئة. كما يؤمن باورز بإمكانية التغلب على القيود السياسية التي تعيق التحول إلى سعر صرفٍ أكثر مرونة، وذلك في حال فوز السيسي بولايةٍ ثالثة.