قال صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن عملية تحديث القاهرة التي يقف ورائها عبدالفتاح السيسي تأتي بتكلفة ثقافية باهظة.
وأشارت الصحيفة إلى أن عملية التحديث المتواصلة دون هوادة للمدينة العتيقة تتضمن هدم وردم بعض المقابر التاريخية والمراكز الثقافية وورش العمل الحرفية، التي حكت لعقود تاريخ مصر العريق، بينما اختفى عدد متزايد من الأحياء القديمة، وتم نقل العائلات التي تسكنها على مدار أجيال متعاقبة إلى أطراف العاصمة.
ولفت إلى أن عملية التحديث والتنمية التي قال السيسي إنها لن تترك مكانا في مصر، تتضمن أيضا إنشاء طرق جانبية وجسور جديدة
وذكرت أن هذه العملية تتم بسرعة كبيرة، حيث لم يتمكن سائقو سيارات الأجرة وحتى خرائط غوغل من مواكبة ذلك
وقبل بضعة أسابيع، وصلت جهود التحديث إلى الفسطاط، أقدم منطقة في المدينة، والتي تأسست كعاصمة لمصر قبل قرون من ظهور القاهرة.
وأوضحت أن أحد المسؤولين طلب إخلاء “درب 1718” المركز الثقافي الشعبي الذي أسسه الفنان معتز نصر الدين أسسه في الحي قبل 16 عاما.
وقال نصر الدين، إن الحكومة ستقوم بتوسيع الطريق خلفه لبناء طريق سريع مرتفع.
صاحب هذه الحركة، انتقادات واسعة بسبب ظهور الحفارات والجرافات الحكومية قرب الممتلكات الخاصة دون أي إشعار تقريبًا.
وقال نصر الدين وأصحاب ورش الفخار إن المسؤولين المحليين لم يقدموا أمر هدم مكتوبا أو أي أوراق أخرى.
من جانبه، قال محمد عابدين، صاحب إحدى الورش المقرر تدميرها “كل يوم تستيقظ ولا تعرف ماذا سيحدث” مشيرا إلى إن عائلته كانت تصنع الفخار في المنطقة منذ عشرينيات القرن الماضي.
يقول ممدوح صقر، المهندس المعماري المتخصص في التخطيط الحضري: “إذا تعرضت للغزو، فكل ما يهمك هو آثارك وأشجارك وتاريخك وثقافتك”.
ثم تابع “الآن يتم تدمير كل شيء، ودون سبب، بل دون أي تفسير”.
وفي أغلب الأحيان، يخضع المصريون لقرارات الحكومة دون مقاومة، لكن نصر الدين، رفع دعوى لوقف التدمير وأثار ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت البلدية إنها تعيد النظر في الخطط، لكنها لم تذكر متى سيتم اتخاذ القرار النهائي أو من سيتخذه.
وعادة ما يشرف الجيش المصري على بناء الطرق والجسور والمشاريع الكبرى مثل العاصمة الجديدة، ويقول سكان القاهرة، إن المسؤولين يميلون إلى تجاهل نصائح الخبراء ومخاوف المواطنين.
أدى انتشار المشاريع التي تقودها المؤسسة العسكرية إلى ظهور عبارة في مصر هي “ذوق لواءات”، وهي تعبير ضمني ساخر لما يجري.
في غضون ذلك، اختفت العديد من الحدائق والأشجار التي حرصت السلطات في مصر على الحفاظ عليها سابقا، ما أدى إلى تقليص المساحات الخضراء الضئيلة التي كانت تتمتع بها القاهرة في السابق.
حلت محل تلك الحدائق، أكشاك الوجبات السريعة والمقاهي، والطرق الجديدة ومحطات الوقود المملوكة للجيش، التي تصطف على جانبي ضفاف النيل التي كانت ذات يوم خضراء خصوصا في الزمالك وهليوبوليس.