وجه الأكاديمي السعودي تركي الحمد، نقدا لاذعا لنظام السيسي في مصر، واعتبر أن مصر في عهده وصلت إلى الحضيض، وأن فساد الجيش وسيطرته على الاقتصاد أحد أسباب تردي الأوضاع.
جاء ذلك في سلسلة تغريدات عبر موقع تويتر.
وبدأ الحمد بشرح أسباب التردي والوضع المزري الذي وصلت إليه مصر، باعتبارها أسيرة صندوق النقد الدولي.
وقارن الحمد بين مصر في العهدين الملكي والناصري ومصر في عهد السيسي وقال: “مصر في الذهن العربي ليست مصرا واحدة، بل هي مصران: فهناك مصر النموذج، سواء كان هذا النموذج هو مصر التنوير والحداثة والنهضة منذ بدايات مصر الحديثة في عهد محمد علي الكبير، أو كان النموذج الناصري منذ عام 1952، نموذج الثورة والتنمية والمكانة الدولية المميزة، بمعنى أن لدينا نموذجين لمصر: مصر المزدهرة قبل عام 1952، ومصر الطموحة بعد ذلك التاريخ، وينقسم المراقبون إلى مؤيد ومعارض لهذا النموذج أو ذاك”.
وأضاف: “في المقابل، هنالك مصر بواقعها الحالي، أي مصر البطالة، وأزمات الاقتصاد والسياسة ومعضلات المجتمع وتقلباته الجذرية العنيفة التي لا تنتمي لأي نموذج، ملكيا كان أم جمهوريا.. فما الذي حدث لمصر الثرية بثرواتها وإمكانياتها، والتي كانت تقرض المال وتساعد المحتاج، وها هي اليوم أسيرة صندوق النقد الدولي، مشرئبة العنق لكل مساعدة من هنا أو هناك، وهي أرض اللبن والعسل؟
وتابع الحمد: “ما الذي يجري في مصر اليوم؟.. لا يمكن تفسير الحالة المصرية بعامل واحد، وخاصة بعد سقوط الملكية، وبدايات الصعود إلى الهاوية، بل هي عدة عوامل لعل من أبرزها، أولا: هيمنة الجيش المتصاعدة على الدولة، وخاصة الاقتصاد، بحيث لا يمر شيء في الدولة المصرية إلا عن طريق الجيش، وبإشراف الجيش، ومن خلال مؤسسات خاضعة للجيش، ولصالح متنفذين في الجيش، كما يرى بعض المراقبين مكامن الأزمة وجذورها، وكل ذلك على حساب مؤسسات المجتمع الأخرى سواء كنا نتحدث عن القطاع الخاص، أو مؤسسات المجتمع المدني، والذي كان في أقوى حالاته في العهد الملكي”.
وزاد: “ثانيا: البيروقراطية المصرية الهرمة المقاومة للتغيير، والتي تقف حجر عثرة في وجه أي استثمار اقتصادي ناجح، سواء داخلي أو خارجي، رغم أن مصر عبارة عن كنز لا ينضب من الفرص الاستثمارية.. ثالثا: الثقافة الشعبية المستسلمة والمستكينة والمنتظرة لكل ما يأتي من فوق، سواء كان هذا الفوق هو السماء ومفاجآتها وأبطالها المقبلين من الغيب، أو الدولة بجلال قدرها وفرعونها ذي الصولجان، المالك لمفاتيح التغيير وخزائن المن والسلوى، مع غياب شبه تام لحس المبادرة المجتمعية المستقلة”.
وأردف: “هذه الثقافة ريفية الجذور، فرعونية التاريخ، ربما لها علاقة بالنيل في فيضانه وانحساره، وبالفرعون في بسطه وانقباضه. مثل هذه الثقافة كانت شبه قاصرة على القرية المصرية طوال التاريخ المصري، ومعزولة تماما عما تمر به المدن، وخاصة القاهرة والإسكندرية تحديدا، من حركات تحديث وتنوير ومبادرات.. مجتمعية مستقلة في العصر الحديث، ولكن مع فتح الباب لاجتياح الريف للمدينة في أعقاب حركة يوليو، فقد أصبحت هي الثقافة السائدة كليا في كل مصر تقريبا. هذه هي أهم ثلاثة عوامل لا يمكن فهم ما يجري في مصر دون أخذها في الاعتبار وفق ظني، وليس كل الظن إثم في كل حال”.
وتابع “الحديث عن مصر ليس حديثا عن أية دولة عربية أخرى، وليس تدخلا في شؤونها الداخلية، فمصر كادت أن تكون في يوم من الأيام هي كل العرب، وتاريخها الحديث يكاد يكون تاريخ كل العرب في طموحاتهم ونجاحاتهم وإخفاقاتهم، لذلك فإن الحديث عنها هو حديث عن مصير عربي مشترك”.