علق مركز “كارنيجي للشرق الأوسط”، في تقرير له، حول تعهد مصر لصندوق النقد الدولي بتقليص دور الجيش في الاقتصاد، من أجل تسريع الحصول على القرض المنتظر، قائلًا: “مجرّد قبول الحكومة المصرية بإدراج الشركات العسكرية رسميًا تحت سقف اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، وإخضاعها إلى القواعد الضريبية وقواعد الإبلاغ المالي نفسها التي تنطبق على نظيراتها المدنية، هو أمر يخطف الأنفاس، ولكنه قد لا يتجاوز كونه نسيجًا من الخيال”
أضاف التقرير أنه “بمراجعة توسع النشاط التجاري العسكري منذ يونيو/حزيران الفائت فحسب، على سبيل المثال لا الحصر، يدل على أن الشركات والهيئات العسكرية لم تتأخر في نقض وعد الحكومة بأن تأسيس الشركات الجديدة المملوكة للدولة ينبغي أن يستند بصورة شفافة إلى سياسة ملكية الدولة”.
وأضاف: “يلحظ تقرير الصندوق عجزه عن تقدير الاستحقاقات المترتبة على آلاف الصناديق الخاصة التي يحتفظ بها الكثير من هيئات الدولة، والتي لا بد من شمولها في الإفصاح عاجلًا أم آجلًا، ولكن تتمسّك الهيئات العسكرية بصناديقها الخاصة وبسريّتها بشدة بالغة للغاية”.
ويشير التقرير إلى عدم اتسام المشتريات العامة بِـ”التنافسية وعدم التمييز والشفافية”، كما يسعى صندوق النقد.
وتابع: “لكن قيام مذكرة الحكومة بمنح شركات هامشًا لتوضيح الشروط التي تبرّر اللجوء إلى التعاقد المباشر بين الهيئات العامة بموجب القانون رقم 182 المتعلق بالعطاءات العامة، يترك الباب مفتوحًا لاستمرار تمتع المؤسسة العسكرية بالسلطة المُربِحة للحصول على العقود ولمنحها على أساس غير تنافسي”.
وهو ما “قد يصعب على صندوق النقد الدولي معالجة هذه العقبة في الوقت الحالي”.
ولفت إلى أنه على صندوق النقد الدولي أن يجبر مصر على تعديل الأطر القانونية والتنظيمية التي تمكّن الشركات العسكرية والهيئات العسكرية الأخرى الناشطة اقتصاديًا، لتكون هناك فرصة حقيقية لإلزامها بالتعهدات التي قطعتها الحكومة المصرية على نفسها.
وتابع تقرير “كارنيجي”، قائلًا إن “المقاومة العسكرية هي بالتأكيد السبب الرئيسي في التأخير المستمر في تعويم الشركات العسكرية من خلال البورصة المصرية أم بيع أسهمها من خلال صندوق الثروة السيادي المصري، ويخالف ذلك تبنّي السيسي المتكرر والعلني لهذا الخيار منذ العام 2018 “.
وأعلن السيسي في 2019، البدء بتحضير عرض 10 شركات عسكرية في السوق، وتصدرت تصريحات حكومية رسمية بقرب عرض شركتَي “الوطنية” لمحطات الوقود و”صافي” للمياه المعدنية على رأس القائمة.
ووفق التقرير “قيل الكثير عن اهتمام المستثمرين الاستراتيجيين الخليجيين بشراء (الوطنية)، ولكن يظهر أنه يتم تجريد أصولها لصالح شركة (تشيل آوت) الشائعة في كل مكان، التي تستبدل محطات (الوطنية) بمجمعات بيع الوقود والخدمات والمأكولات وغيرها، ومن شأن ذلك تقليل جاذبية (الوطنية) للمستثمرين الخليجيين”.
وإلى جانب معارضتها فقدان السيطرة على أصولها الاقتصادية، تعارض الجهات العسكرية كذلك التقيّد بمدى الإفصاح المالي الذي سيترتب بالضرورة على عرض أسهمها للبيع، ولو البيع الجزئي.
وأضاف: “المعروف أن المؤسسة العسكرية تعارض بيع أيٍّ من أصول الدولة عمومًا، وليس فقط أصولها هي، ويساعد هذا في فهم اعتراض البرلمانيين علنًا، والكثير منهم قام جهازا الاستخبارات العسكرية والمخابرات العامة بانتقائهم أصلًا، على خطة الحكومة لخصخصة الشركات والأصول الأخرى التابعة لهيئة قناة السويس، والتي تنظر إليها المؤسسة العسكرية على أنها منطقة اقتصادية حصرية خاصة بها”.
وزاد: “من المحتمل أن تعرقل مشاعر الريبة العسكرية محاولات الرئيس والحكومة جذب استثمارات إماراتية أضخم، بشكل خاص، حيث تشكّل منطقة قناة السويس المصلحة التجارية والاستراتيجية الحقيقية الأوحد للإمارات في مصر”.
ويتوقع أن يتعرّض الاتفاق مع الصندوق إلى التأخير والتخفيف المتكرر، “ما قد يجعله طموحًا أكثر منه واقعًا”.