وثّقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وفاة المواطن عبد الرحمن محمد حسن، وهو أب لخمسة أطفال، عقب تعرضه لتعذيب مبرح داخل قسم شرطة السيدة زينب في القاهرة، بعد ساعات قليلة من توقيفه فجر يوم 19 مايو/أيار الماضي.
ووفقًا للتقرير الحقوقي، فإن عبد الرحمن، الذي لم يكن يحمل أي مواد محظورة لحظة توقيفه، تعرض لاعتداء جسدي في الشارع أمام المارة من قبل أفراد الأمن، قبل اقتياده إلى وحدة المباحث بالقسم، حيث استُهدف باعتداء جسدي عنيف استمر أكثر من ساعتين بهدف انتزاع معلومات حول صديقه الذي كان برفقته وتمكن من الفرار.
وفاة تحت التعذيب.. ومزاعم رسمية مشبوهة
بحسب روايات متطابقة، فإن عبد الرحمن لفظ أنفاسه الأخيرة داخل القسم قبل نقله إلى غرفة الحجز، نتيجة التعذيب الشديد. لكن وزارة الداخلية لم تبلغ أسرته بوفاته، بل استدعتها لاحقًا إلى نيابة السيدة زينب دون توضيح الأسباب، لتُفاجأ العائلة بإبلاغها أن عبد الرحمن توفي نتيجة تناوله كمية كبيرة من مادة مخدرة (آيس)، ما أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية.
ورفضت الأسرة هذه الرواية، مؤكدة أن ابنها لم يكن يتعاطى المخدرات وتمتع بصحة جيدة. كما عبّرت عن استيائها من نقل الجثمان إلى مستشفى المنيرة، ثم إلى مشرحة زينهم، حيث جرت عملية الغسل والتكفين من دون موافقتها أو تمكينها من معاينة الجثة.
وخلال مراسم الجنازة، كشف بعض الحاضرين وجود كدمات واضحة على رأس عبد الرحمن وجسده، ما يعزز فرضية تعرضه للتعذيب حتى الموت، ويدحض الرواية الرسمية.
بيئة ممنهجة للتعذيب والإفلات من العقاب
تسلّط هذه الحادثة الضوء مجددًا على الطابع الممنهج للتعذيب في مصر، داخل السجون ومقار الاحتجاز الرسمية. إذ توثق منظمات محلية ودولية منذ عقود أنماطًا متعددة من الانتهاكات الجسدية والنفسية تشمل الضرب والتعليق والصعق بالكهرباء والتجريد من الملابس والحرمان من الطعام والرعاية، وصولًا إلى الاغتصاب أو التهديد به.
وترى المنظمات الحقوقية أن التعذيب يُستخدم في مصر ليس فقط كوسيلة لانتزاع الاعترافات، بل أيضًا للعقاب والانتقام من المعارضين والمواطنين العاديين على حد سواء، وسط غياب المساءلة الجادة، وتفشي ظاهرة الإفلات من العقاب.
دعوات لتحقيق عاجل ومستقل
طالبت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، إلى جانب أسرة الضحية، بفتح تحقيق قضائي عاجل ومستقل لكشف ملابسات الوفاة، وتشريح الجثمان لتحديد السبب الحقيقي، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة، ومنع تكرارها. كما دعت إلى ضمان الشفافية في إجراءات الوفاة والدفن، ووقف سياسة فرض الروايات الرسمية دون تحقق.
وتجدد هذه الحادثة الدعوات الحقوقية المتكررة للسلطات المصرية بالامتثال للدستور والاتفاقيات الدولية التي تحظر التعذيب، ووضع حد لدوامة الانتهاكات التي تُرتكب خلف جدران مراكز الاحتجاز دون رادع.