بدأت وزارة البترول المصرية، الخميس، تشغيلًا جزئيًا لمصانع الأسمدة والبتروكيماويات، بعد استئناف الضخ المحدود للغاز الطبيعي من إسرائيل، بكمية تتراوح بين 60 و80 مليون قدم مكعب يوميًا، أي أقل من 10% من الإمدادات المتوقعة قبل توقفها منتصف يونيو الجاري.
ورغم عودة الضخ، تظل المصانع تعمل بطاقة محدودة لا تتجاوز 6% من الكميات الأصلية المتفق عليها، ما يهدد استمرار أزمة توريد الأسمدة محليًا ويزيد الضغط على الأسواق الزراعية، خصوصًا في ذروة الموسم الصيفي.
مصانع على حافة الشلل.. والمازوت لا يكفي
قال عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الصناعات المصرية، محمد البهي، إن تشغيل المصانع بالمازوت خلال فترة انقطاع الغاز كان حلًا مكلفًا وغير عملي، بسبب ارتفاع أسعار النفط والشحن، مما يجعل الغاز المورد الخيار الأنسب لإنقاذ الإنتاج.
وأكد أن تأخر عودة الغاز أثر بشدة على التزامات المصانع التصديرية، حيث عانت الشركات من ارتباك في عمليات التسليم، ما كاد يفقدها ثقة المستوردين الدوليين.
السوق المحلية تحت الضغط.. والأسمدة ترتفع 15%
من جهة أخرى، حذرت مصادر في الجمعية العامة للإصلاح الزراعي من شح في الأسمدة بالسوق المحلية، بسبب توقف المصانع عن التوريد وتقليص الحصص للجمعيات الزراعية بنسبة 60%، وهو ما أدى إلى قفزات سعرية بلغت 15% في السوق الحرة، مع استمرار المخاوف من تفاقم الأزمة إذا لم تعد المصانع إلى طاقتها الكاملة.
مستقبل الغاز مرهون بتطورات الحرب
بحسب مصادر حكومية، من المتوقع أن ترتفع إمدادات الغاز الإسرائيلي تدريجيًا لتصل إلى 650 مليون قدم مكعب يوميًا مساء الجمعة، إذا لم تتعرض منشآت الغاز الإسرائيلية لهجمات صاروخية محتملة من إيران، في ظل التصعيد العسكري الإقليمي.
ويرتبط استمرار التوريد بقرار من جيش الاحتلال الإسرائيلي، بحسب تصريحات وزير الطاقة إيلي كوهين، الذي ربط الضخ بموافقة أمنية وتوافر فائض عن الحاجة المحلية.
خطط طوارئ مصرية.. وسد الفجوة بالاستيراد
أكدت مصادر في هيئة البترول أن الحكومة المصرية تواصل تفعيل خطط الطوارئ، لتوفير الغاز للصناعات الثقيلة والمرافق العامة، من خلال استيراد عاجل لـ60 شحنة غاز مسال، وتوسيع وحدات التغويز في موانئ العين السخنة والإسكندرية، إلى جانب شراء كميات إضافية من المازوت لتغذية محطات الكهرباء.
وبحسب البيانات الرسمية، يبلغ إنتاج مصر الحالي من الغاز نحو 4.1 مليارات قدم مكعب يوميًا، بينما يصل الاستهلاك إلى 6.3 مليارات قدم، مما يفرض فجوة تتطلب حلولًا مستدامة، تتجاوز الاعتماد على الغاز الإسرائيلي وحده.
عودة الغاز الإسرائيلي ليست نهاية الأزمة، بل بداية مرحلة أكثر هشاشة، تتأرجح بين اعتبارات الطاقة وأهوال الحرب. ومع استمرار اعتماد الصناعة المصرية على مصادر خارجية غير مستقرة، تبقى الأسئلة مطروحة:
هل يمكن بناء سياسة طاقة وطنية مستقلة؟
أم ستظل المصانع رهينة صراع إقليمي لا تملك القاهرة التحكم في مساراته؟