تسبب قرار السلطات التونسية بمنع توزيع العدد الأخير لمجلة “جون أفريك” الفرنسية في موجة من الجدل والانتقادات التي طالت حرية التعبير والصحافة في البلاد. العدد الممنوع، والذي كان يحمل عنوان “الرئيس الخارق”، تضمن تحقيقًا نقديًا لسياسات الرئيس قيس سعيد، ما أثار غضب السلطات وأدى إلى اتخاذ قرار بمنع توزيعه.
أعلنت مجلة “جون أفريك” عن منع توزيع عددها الخاص بشهر أيلول/ سبتمبر في تونس، مشيرة إلى أن قرار المنع جاء على خلفية التحقيق الذي انتقد سياسات الرئيس قيس سعيد. وأعربت المجلة عن استنكارها، قائلة إن هذا المنع يعيد البلاد إلى سنوات حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، الذي أطيح به قبل أكثر من عقد ونصف من الزمن. ويعكس القرار، وفقًا للمجلة، تراجعًا في حرية الصحافة والتعبير التي تعد من المكاسب التي حققتها الثورة التونسية.
https://i.arabi21.com/arabi21/1200×630/9202470398568609801.jpg
أثارت خطوة المنع انتقادات واسعة من قبل نشطاء وصحفيين وسياسيين تونسيين، الذين اعتبروا القرار بمثابة خنق لحرية التعبير في البلاد. زياد دبار، رئيس نقابة الصحفيين التونسيين، وصف القرار بـ”العبثي” واعتبره رجوعًا إلى الوراء، متسائلًا عن مصير حرية الصحافة التي وعد بها الرئيس قيس سعيد. وأضاف دبار أن هذه الممارسات تؤكد “مخاوف من مساس الحريات” في تونس، لاسيما حرية الصحافة.
في سياق متصل، انتقد هشام العجبوني، القيادي في حزب التيار الديمقراطي، القرار قائلاً: “عدنا لعهد الصنصرة. أكبر عدو لأي دكتاتورية وحكم استبدادي هو الحريّة بكلّ أشكالها، والصنصرة ترفع في نسبة الراغبين في الاطلاع على مضمونها.” وأشار العجبوني إلى أن الصنصرة تعكس ضعفًا وخوفًا من النقد، مما يزيد من أهمية المقالات الممنوعة.
أما الباحث عادل اللطيفي، المقيم في فرنسا، فقد اعتبر أن منع المقال يدل على “غباء التسلط القائم”، مؤكدًا أن المقال منتشر بالفعل على الإنترنت وقد اطلع عليه الجميع. ورأى أن أهمية القرار تكمن في تأكيد ضعف النظام الحاكم وعدم قدرته على مواجهة النقد بشكل صحي.
القرار بمنع توزيع “جون أفريك” يطرح تساؤلات حول مدى التزام الحكومة التونسية بمبادئ حرية الصحافة والتعبير، التي تعتبر جزءًا أساسيًا من القيم الديمقراطية. وقد تؤدي مثل هذه الإجراءات إلى تعزيز الرقابة وتقييد الحريات، مما قد يؤثر سلبًا على البيئة السياسية والإعلامية في البلاد.
في ظل التحديات الاقتصادية والتنموية التي تواجهها تونس، يشير منتقدو القرار إلى أن قمع حرية الصحافة لا يمكن أن يسهم في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية. بل على العكس، قد يؤدي إلى زيادة مشاعر الاستياء وعدم الثقة بين المواطنين والسلطات.
بالمجمل، يعكس منع توزيع “جون أفريك” تصاعد التوتر بين السلطات ووسائل الإعلام، ويؤكد على ضرورة الحفاظ على حرية التعبير كعنصر أساسي في بناء ديمقراطية قوية ومستقرة.