في ظل تصاعد الجدل حول تعديلات قانون الإيجارات القديمة، أرجأ مجلس النواب المصري، للمرة الثالثة خلال أسبوع، التصويت النهائي على مشروع القانون المنظّم للعلاقة بين المالك والمستأجر، على أن تُستأنف مناقشاته في جلسة غدٍ الأربعاء، وذلك استجابة لطلب من رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، النائب عبد الهادي القصبي، رغم الموافقة المبدئية على المشروع اليوم الثلاثاء.
غياب البيانات يعطّل التشريع
رئيس البرلمان، حنفي جبالي، أوضح أن التأجيل سببه عدم تقديم الحكومة بيانات دقيقة حول أعداد المستأجرين الأصليين، وأعمارهم، وتوزيعهم الجغرافي، مشدداً على أن “الحكومة حضرت غير مستعدة”، منتقداً غياب الحوار المجتمعي والدراسات الدقيقة حول المشروع. ودعا جبالي النواب والإعلام إلى حضور وتغطية الجلسة المقبلة نظراً لأهمية القانون.
خلافات حول بيانات جهاز التعبئة والإحصاء
أثارت تصريحات رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، اللواء خيرت بركات، جدلاً واسعاً، بعدما أشار إلى أن الأسر التي تجاوز عمرها 60 عاماً تُعدّ من المستأجرين الأصليين، وقدر عددها بنحو 409 آلاف من أصل 1.6 مليون أسرة تسكن في وحدات خاضعة لقانون الإيجار القديم.
عدد من النواب، أبرزهم النائب فريدي البياضي، شككوا في دقة هذه البيانات، مؤكدين أن الجهاز سبق أن أقر بعدم توافرها، قبل أن يعود ويقدّمها خلال 24 ساعة فقط. البياضي وصف الأمر بأنه “خلل كبير” وأكد أن إصدار تشريع بهذه الخطورة بناءً على معلومات غير موثوقة “أمر لا يجوز”.
مخاوف من التشريد وانعدام البدائل
النائب ضياء الدين داوود شدد على غياب معلومات دقيقة حول المستأجرين في المحافظات، معبراً عن قلقه بشأن مصير آلاف الأسر، مثل 111 ألف أسرة في محافظة الدقهلية وحدها، والذين يُتوقع أن يُطلب منهم إخلاء مساكنهم خلال سبع سنوات دون خطة واضحة للسكن البديل.
أما النائب أحمد بهاء شلبي، فاعتبر أن المشكلة الأساسية تكمن في بند “تحرير عقود الإيجار بعد سبع سنوات”، مطالباً بالمزيد من النقاش حول هذه المادة الحساسة.
توجه نحو تعديل المدة الانتقالية
في السياق نفسه، كشف نواب لـ”العربي الجديد” عن وجود اتجاه برلماني لتمديد فترة عقود الإيجارات السكنية القديمة من 7 إلى 10 سنوات، ولغير أغراض السكن من 5 إلى 7 سنوات، مع تثبيت الزيادة السنوية في القيمة الإيجارية عند 15%.
وينص مشروع القانون على زيادات كبيرة في الإيجارات:
- 20 ضعفاً من القيمة الإيجارية الحالية في المناطق المتميزة (بحد أدنى 1000 جنيه).
- 10 أضعاف في المناطق المتوسطة (بحد أدنى 400 جنيه).
- 10 أضعاف في المناطق الاقتصادية (بحد أدنى 250 جنيهاً).
الحكومة تعدّ ببدائل… دون تفاصيل واضحة
في ردها على مطالب النواب بشأن توفير مساكن بديلة بعد تحرير العقود، أشارت وزيرة التنمية المحلية، منال عوض، إلى وجود أراضٍ مستردة وأخرى تابعة للأوقاف والإصلاح الزراعي يمكن البناء عليها لصالح المستأجرين. إلا أن تصريحاتها لم تُقنع النواب، إذ اعتبروا أن حديثها يفتقر إلى التفاصيل الدقيقة ولا يقدم ضمانات فعلية بعدم طرد الأسر من مساكنها.
تأجيل التصويت يعكس تعقيد الملف وحساسيته الاجتماعية، وسط انقسام حاد بين من يطالب بإنهاء ما يرونه “ظلمًا للمالكين”، ومن يخشى من آثار كارثية على ملايين المستأجرين محدودي الدخل دون حلول عملية بديلة حتى الآن.