شهدت العاصمة التونسية، السبت، مظاهرة شعبية حاشدة شارك فيها آلاف المحتجين تحت شعار “ماناش ساكتين” (لن نصمت)، في خطوة تعبر عن رفض القمع المتزايد للحقوق والحريات.
هذه المسيرة جاءت بمشاركة عدد كبير من الحقوقيين والسياسيين المنتمين إلى تيارات سياسية متعددة، ما يعكس تنوع الأطياف المعارضة للسلطة الحالية في تونس. المتظاهرون رفعوا شعارات قوية تدعو إلى إسقاط النظام والاحتجاج ضد السياسات القمعية، مطالبين بإطلاق الحريات.
https://arabi21.com/Content/Upload/Editor/Image2_10202322103225164591865.jpg
احتشد المتظاهرون في شوارع العاصمة، حاملين لافتات وشعارات مثل “يسقط يسقط النظام”، و”حريات حريات، لا قضاء التعليمات”، و”دولة البوليس انتهت”.
المسيرة انطلقت من ساحة “الباساج” وصولاً إلى شارع الحبيب بورقيبة، وهو مكان رمزي للتونسيين حيث جرت العديد من الاحتجاجات التاريخية. عند مرورهم بالقرب من المحكمة الإدارية، أظهر المحتجون استياءهم من القمع السياسي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد، وتفاقم القضايا المتعلقة بالحريات العامة وحقوق الإنسان.
رغم رغبة المتظاهرين في الاقتراب من وزارة الداخلية لزيادة الضغط على السلطة، إلا أن التواجد الأمني الكثيف حال دون تحقيق ذلك، مما أدى إلى مناوشات محدودة بين الجانبين. الانتشار الأمني في العاصمة كان مكثفًا، مما يعكس قلق السلطات من توسع هذه المظاهرات وازدياد زخمها الشعبي.
هذه المسيرة الشعبية جاءت تلبية لدعوة أطلقتها “الشبكة التونسية للحقوق والحريات”، وهي مجموعة تشكلت مؤخرًا للدفاع عن الحريات العامة في تونس، وتضم في عضويتها عددًا كبيرًا من المنظمات الحقوقية والجمعيات السياسية. الشبكة أعربت عن قلقها العميق إزاء التدهور الخطير في وضع حقوق الإنسان والحريات العامة، مشيرة إلى أن البلاد تعيش في ظل قمع سياسي واعتقالات واسعة تطال السياسيين والحقوقيين والصحفيين.
من بين مطالب الشبكة والمحتجين، إلغاء المرسوم 54 الذي وصفوه بأنه “قانون قمعي”، حيث يرون فيه انتهاكًا صريحًا لحرية التعبير وحرية الصحافة. هذا المرسوم، الذي سنه الرئيس قيس سعيد، يواجه انتقادات واسعة داخل وخارج البلاد كونه يفرض قيودًا صارمة على الحريات المدنية. كما طالب المتظاهرون بالإفراج الفوري عن جميع سجناء الرأي والصحفيين الذين اعتقلوا في سياق الأزمة السياسية الراهنة.
تأتي هذه المظاهرات في وقت تشهد فيه تونس أزمة سياسية حادة، بدأت منذ أكثر من عامين مع سيطرة الرئيس قيس سعيد على السلطة التنفيذية بشكل مباشر وتعليق عمل البرلمان. منذ ذلك الحين، تعيش البلاد على وقع اعتقالات واسعة ضد السياسيين والنشطاء من مختلف التيارات، مما أدى إلى تصاعد الغضب الشعبي وتزايد الاحتجاجات ضد ما يصفه البعض بـ”النظام البوليسي الجديد”.
التوترات زادت مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والرفض الواسع لبعض قرارات هيئة الانتخابات، والتي امتنعت عن تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية المتعلقة بقبول طعون بعض المرشحين وإعادتهم إلى السباق الرئاسي. هذه الأزمة زادت من تفاقم الوضع السياسي المعقد، حيث تتهم المعارضة الرئيس سعيد بمحاولة تقويض المؤسسات الديمقراطية وتقليص المساحات المتاحة للمعارضة السياسية.
بالمجمل، تعكس هذه الاحتجاجات تنامي الشعور بالغضب والإحباط بين شرائح واسعة من الشعب التونسي، وسط مطالب متزايدة باستعادة الحقوق الديمقراطية والحرية السياسية.