شهدت منطقة القرن الإفريقي توتراً جديداً بعدما قامت القوات الإثيوبية بالسيطرة على عدة مطارات رئيسية في منطقة جيدو بالصومال، في خطوة تُعد تحركًا استراتيجيًا لتعطيل إمكانية نقل القوات المصرية إلى هذه المناطق.
تشمل المطارات التي سيطرت عليها إثيوبيا مطارات لوق ودولو وبارديري، والتي تعتبر مداخل رئيسية لنقل الجنود إلى مناطق الصراع جنوب الصومال.
جاء هذا التحرك وسط تصاعد التوترات بين إثيوبيا والصومال، وخاصة بعد أن أصدرت حكومة أديس أبابا، بقيادة رئيس الوزراء آبي أحمد، تحذيرات شديدة اللهجة لأي محاولات خارجية للتدخل في شؤونها الداخلية.
أثارت هذه التحذيرات قلقاً إقليمياً، حيث ينظر إليها كإشارة مباشرة إلى الصراع المتفاقم بين مصر وإثيوبيا، وخاصة فيما يتعلق بنشر القوات المصرية في الصومال.
تشير التقارير إلى أن السيطرة على المطارات تأتي ضمن خطة إثيوبية لتعطيل نشر قوات مصرية كانت من المتوقع أن تصل إلى الصومال بموجب اتفاقيات دفاعية جديدة بين مصر والصومال. تضمنت هذه الاتفاقيات نشر 5000 جندي مصري ضمن مهمة حفظ السلام التي يقودها الاتحاد الإفريقي، إضافة إلى 5000 جندي آخرين وفقًا لاتفاقية ثنائية منفصلة بين مصر والصومال. يُعتقد أن إثيوبيا تنسق مع دول إقليمية متحالفة لمعارضة نشر هذه القوات، مما أدى إلى تصاعد التوترات في المنطقة.
الحكومة الصومالية، التي شهدت تصاعداً في التوتر مع إثيوبيا خلال الأشهر الأخيرة، حذرت من استمرار وجود القوات الإثيوبية على أراضيها. وأكدت الحكومة في مقديشو ضرورة انسحاب القوات الإثيوبية بحلول العام المقبل.
ومع ذلك، فإن القدرة على فرض هذا الانسحاب تبقى محل تساؤل، خاصة مع التواجد العسكري الراسخ لإثيوبيا في مناطق حيوية مثل جيدو، هيران، باي، وباكول.
التصعيد الإثيوبي في الصومال ليس مجرد خطوة لمواجهة النفوذ المصري فقط، بل يعكس صراعاً أوسع يتعلق بالتوازنات الجيوسياسية في منطقة القرن الإفريقي. الصراع الدائر بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة الإثيوبي يلقي بظلاله على التوترات الحالية، حيث يعتبر سد النهضة نقطة خلاف جوهرية بين البلدين، مما يضيف تعقيدًا إضافيًا إلى الديناميات الإقليمية.
من ناحية أخرى، شهدت الفترة الأخيرة توقيع اتفاقية بين إثيوبيا و”أرض الصومال” المعلنة ذاتياً، تثير هذه الاتفاقية جدلاً واسعًا إذ تتضمن استئجار أرض على طول البحر الأحمر لإنشاء قاعدة بحرية إثيوبية. هذه الخطوة أثارت غضب الحكومة الصومالية التي تعتبر هذا الاتفاق انتهاكاً واضحاً لسيادتها.
في هذا السياق، تستمر إثيوبيا في تعزيز وجودها العسكري والاستراتيجي في المنطقة، مما يزيد من تعقيد العلاقات الإقليمية في منطقة القرن الإفريقي. تبقى الأسئلة حول كيفية تعامل الحكومة الصومالية مع الضغوط الإثيوبية قائمة، خاصة في ظل المصالح المتضاربة بين الأطراف الإقليمية المختلفة، والتي قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد إذا لم يتم التوصل إلى حلول دبلوماسية.